رعاية الأمير نايف للأمن العربي

أولى صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز (رحمه الله) اهتماما كبيرا بالمسيرة الأمنية العربية المشتركة التي يقودها مجلس وزراء الداخلية العرب منذ نشأته التي تقررت خلال المؤتمر الثالث لوزراء الداخلية العرب الذي انعقد بالطائف عام 1980، برئاسة سموه، ثم كانت المصادقة على النظام الأساسي للمجلس خلال المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد بالرياض في مطلع عام 1982م، برئاسة سموه ايضا، وهذا الاهتمام هو ما جعل وزراء الداخلية العرب يجمعون خلال دورة مجلسهم الأولى التي انعقدت بالدار البيضاء في المملكة المغربية عام 1982م، على اختيار سموه رئيسا فخريا لمجلس وزراء الداخلية العرب.

وقد تجسدت اسهامات سمو الأمير نايف بن عبد العزيز (رحمه الله)  ايضا في دعم الأمن العربي المشترك من خلال اهتمامه الكبير بالجانب العلمي من مسيرة التعاون الأمني العربي، إذ أولى إهتماما كبيرا بتدريب الأجهزة الأمنية العربية وتأهيلها وإجراء الدراسات والبحوث الأمنية التي تعزز من أدائها والقيام بدورها في حفظ الأمن والاستقرار في دولها ومجتمعاتها، الأمر الذي جعل إخوانه أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب يصدرون قرارهم في الدورة الرابعة عشر للمجلس عام 1997م، بتغيير اسم المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، ليصبح “أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، والتي اتسع نشاطها فيما بعد وتعددت اختصاصاتها بفضل عناية سموه ورئاسته لمجلس ادارتها فأصبحت “جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية” التي تعد اليوم صرحاً علمياً كبيراً تحظى بمكانة مرموقة إقليمياً ودولياً.

وكان سموه يرحمه الله حريصا كل الحرص على نجاح المؤتمرات والاجتماعات التي يعقدها المجلس أو التي تعقدها القطاعات الأمنية العربية المتخصصة، كما كان يتابع باهتمام التقارير السنوية التي تعدها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب عن متابعة قرارات المجلس وتوصيات المؤتمرات القطاعية.

كماكان لسمو الأمير نايف (رحمه الله) الدور الكبير في جعل جلسات مجلس وزراء الداخلية العرب تتسم بأجواء الأخوة والتوافق، وخروج قراراته بالاجماع والاتفاق التام بين جميع اعضائه، بفضل ما يكنه له أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب من مشاعر التقدير والاحترام، وبفضل ما يتمتع به سموه من حنكة وبصيرة وروية ومن حرص على تغليب المصلحة العربية العليا وإشاعة أجواء المودة والتآلف بين  المشاركين في هذه الاجتماعات.

وليست اجتماعات المجلس هي المجال الوحيد الذي تتبدى فيه قدرة سموه (رحمه الله) على ادارة الجلسات باسلوب رصين وفعال، بل يظهر هذا الاسلوب في أي مناسبة يتولى ادارتها، كما هو الحال في الاجتماعات المشتركة التي عقدها المجلس مع مجلس وزراء العدل العرب، ومجلس وزراء الإعلام العرب.

فمن إسهامات سموه (رحمه الله)في دعم العمل العربي المشترك هو رئاسته للإجتماع المشترك بين مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب الذي انعقد بالقاهرة عام 1998م، وقد شكلت عاملاً حاسماً في التوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب. كما كان لرئاسته لاجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة المنبثقة عن المجلسين أثر بالغ في وضع الاجراءات والنماذج التنفيذية التي تستخدمها الدول العربية الآن في تطبيقها للاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب.

وكان لرئاسة سموه (رحمه الله) أيضا للاجتماع المشترك الثاني بين المجلسين الذي انعقد بالقاهرة بتاريخ 21/12/2010م، الدور الكبير في التوقيع على خمس إتفاقيات عربية، هي الإتفاقية العربية لمكافحة الفساد، والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والإتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، والاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، والاتفاقية العربية لنقل نزلاء المؤسسات العقابية والاصلاحية.

ولا ننسى دور سموه (رحمه الله) في نجاح الاجتماع المشترك بين مجلسي وزراء الداخلية والإعلام العرب الذي انعقد بتونس عام 2003م، والذي أسفر بفضل رئاسته له عن قرارات بناءة عززت التعاون بين وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية في نشر الوعي ومكافحة الإجرام، وشكلت خطوة هامة على صعيد تعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين المجلسين.

كما تتمثل إسهاماته في العمل الأمني العربي المشترك في تشجيعه للعديد من الدراسات والأبحاث الخاصة بظاهرة التطرف والإرهاب الذي تعاني منها مجتمعاتنا العربية، من خلال تشكيل فريق عمل من أساتذة الجامعات لوضع خطط إستراتيجية للأمن الفكري العربي، إنطلاقاً من قناعته بضرورة مقارعة الفكر بالفكر والحجة بالحجة التي تمثلت في مقولته الشهيرة “إن مواجهة الفكر لا يكون إلا بالفكر”، وقد تم استلهام هذه الرؤية من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب باعتماد إستراتيجية عربية للأمن الفكري في دورته الثلاثين التي انعقدت بالرياض عام 2013م، وإنشاء مكتب عربي للأمن الفكري (مقره الرياض) يختص بتأمين وتنمية التعاون بين الدول الأعضاء في مجال الأمن الفكري ومواجهة الأفكار المنحرفة ومكافحة الإرهاب وتقديم المعونة التي تطلبها الدول الأعضاء في هذا المجال.

وقد ظل سمو الأمير نايف بن عبد العزيز (رحمه الله) طوال حياته يتطلع الى مستقبل مشرق للعمل الأمني العربي المشترك من خلال جهوده المتواصلة والدؤوبة في دفع مسيرة مجلس وزراء الداخلية العرب لبسط الأمن والطمأنينة في كافة أرجاء الوطن العربي، وتقديم شتى أنواع الدعم له، حيث قال سموه (رحمه الله) في كلمة له في إحدى دورات مجلس وزراء الداخلية العرب“إن العمل العربي المشترك في مجال الأمن أو في غيره من المجالات، كان ولا يزال الواجب الذي تفرضه العوامل المشتركة لأمتنا وهي عوامل أساسية وكثيرة لايمكن الفكاك منها، والإخلال بهذا الواجب هو في حقيقة الأمر إخلال في تحقيق أهداف الإنسان العربي وتطلعاته الى مستقبل أكثر ثباتا، وأكثر استقرارا، وإزدهارا، ونحمد الله عز وجل على ما تحقق لنا في مجلس وزراء الداخلية العرب من إنجازات تأسست على توفير أمن الإنسان العربي، وحمايته من نفسه ومن الآخر، وصيانة مكتسباته، وتهيئة بيئة آمنة مستقرة له”.

£0.000 items